فنزويلا البوليفارية في مواجهة الغطرسة الإمبريالية الأمريكية
بقلم : عليان عليان
بوابة الهدف
(( بداية يجب التذكير بمسألة هامة ، وهي أن الغزو الأمريكي لفنزويلا لن يكون نزهة وأن القوات الأمريكية ستغرق في مستنقع فنزويلا / لا سيما وأن فنزويلا تمتلك منظومة أسلحة متطورة من ضمنها ( 5000) صاروخ أرض جو روسي الصنع من طراز إيغلا-إس لمواجهة القوا ت العسكرية الأمريكية المتمركزة في منطقة البحر الكاريبي ولمواجهة طائرات 35F ، وأن لدى فنزويلا جيش عقائدي مشبع بالعقيدة البوليفارية مكون من 200 ألف جندي و عشرة آلاف جندي احتياط موزعين على أسلحة البر والبحر والجو ، وبات هذا الرقم مرشح للازدياد في ضوء التهديدات الأمريكية ،حيث انضم مؤخراً للجيش 5600 جندي جديد، ناهيك عن وجود أعداد كبيرة من الميليشيات البوليفارية ومن الحرس الوطني الفنزويلي “
تواجه جمهورية فنزويلا البوليفارية منذ شهر آب / أغطس الماضي تهديدات جدية من قبل الإمبريالية الأمريكية بقيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. اتخذت في البداية مبرراً مزعوماً ممثلاً بتهريب المخدرات للولايات المتحدة، من قبل كارتل مزعوم لا وجود له في فنزويلا “كارتل دي لوس سوليس ” وأن هذا الكارتل المزعوم يديره الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.
لقد اتخذت هذه التهديدات منحى خطيراً من خلال قعقعة السلاح ممثلةً بأكبر حشد عسكري للبحرية الأمريكية في البحر الكاريبي على مسافة قريبة من البر الفنزويلي، ومن خلال إطلاق يد المخابرات الأمريكية لتنفيذ عملية تخريب في فنزويلا لإشاعة حالة من الفوضى والارتباك داخل فنزويلا خدمة لمصالح المعارضة المرتبطة بالولايات المتحدة.
الحصار الإمبريالي الأمريكي
ولم تتوقف الأمور عند قعقعة السلاح في الكاريبي ، بل تطورت باتجاه فرض حصار كامل على فنزويلا ، ومصادرة أية ناقلة نفط قادمة إلى فنزويلا أو خارجة منها في قرصنة استعمارية لم تجدي معها مناشدة الرئيس مادورو للأمم المتحدة وأمينها أنطوني غونتيرش لاتخاذ قرار يحول دون الحصار ومصادرة ناقلات النفط ، بعد أن بلغ عدد الناقلات المسروقة ثلاث ناقلات مشيراً إلى أن الحصار السياسي والدبلوماسي والاقتصادي المفروض على فنزويلا “هو جزء من دبلوماسية الهمجية الغريبة عن قواعد التعايش الدولي”.
لقد راح رئيس الإمبريالية الأمريكية دونالد ترامب يتبجح بالقول : إن الولايات المتحدة فرضت حصاراً على فنزويلا، و أنها لن تسمح لأحد بكسره “، كما كشف عن حقيقة التهديدات الأمريكية المتسترة وراء فزاعة المخدرات بإعلانه صراحةً أنه يستهدف فنزويلا من أجل إسقاط نظام الحكم البوليفاري ، والسيطرة على النفط والمعادن فيها من خلال العمل المسلح لاستعادة ما أسماه حقوق الشركات النفطية الأمريكية زاعماً أن أن كراكاس استولت على كل موارد واشنطن من النفط ونريد استعادتها!”. وذلك في إشارة إلى إجراءات التأميم التي أقدم عليها الرئيس الراحل هوجو تشافيز في عيد العمال أول مايو/ سنة 2006 لتوظيف ثروة فنزويلا في خدمة شعبها .
ووصلت الأمور بالرئيس ترامب، أن يتصرف وكأن فنزويلاً ملكية حصرية للولايات المتحدة في غطرسة إمبريالية غير مسبوقة ، حين وصف فنزويلا بأنها “تسرق النفط الكامن في أرضها”، الأمر الذي دفع الحكومة الفنزويلية إلى أن تخرج عن الدبلوماسية الناعمة حول تسوية الأمور من خلال رفع سقف تصريحات كل من الرئيس مادورو ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية بأن فنزويلا ستتصدى للعدوان الأمريكي وتهزمه ، وكذلك تصريح مادورو الأخير الذي أكد فيه أنّ فنزويلا مستعدّة لتسريع مسيرة الثورة العميقة.
ترامب واستثمار اللحظة السياسية
ما يجب الإشارة إليه هنا أن الإدارة الأمريكية تستثمر اللحظة السياسية الراهنة لتنفيذ عدوانها المرتقب على فنزويلا ، فروسيا ليس بوسعها أن تفعل شيئاً لنصرة فنزويلا وترى- حسب العديد من المراقبين- أن ما زودته لفنزويلا من مختلف أنواع الأسلحة لا سيما صواريخ أرض جو يمكنها من التصدي للغزو الأمريكي، لا سيما وأن الرئيس ترامب قدم خطةً لوقف الحرب في أوكرانيا تستجيب للمصالح الروسية ، والتي تتضمن القبول بضم مجلس الدوما الروسي لجمهوريات لوغانسك ودونيتسك و إقليم زباروجيا وخيرسون والقرم، ومن ثم فإن الرئيس بوتين لن يضحي بمصالحه، في أوكرانيا، مقابل الوقوف عسكريا مع فنزويلا.
كما أن الصين يمكن أن تكتفي أيضاً بما قدمته لفنزويلا من أسلحة في ضوء أولوياتها الاقتصادية، وأولويات إدارة الصراع في بحر الصين ، بشأن الجزر المتنازع عليها ناهيك أن أولى أولياتها يكمن في تهيئة الظروف والإمكانات لإعادة جزيرة تايوان لحضن الوطن الأم (الصين الشعبية) ، وكل ما بوسع الصين وروسيا ، أن تفعله لصالح فنزويلا في هذه المرحلة يكمن في الوقوف إلى جانبها في مجلس الأمن.
وكانت صحيفة “واشنطن بوست” قد ذكرت في تقرير لها أن فنزويلا طلبت دعمًا عسكريًا من روسيا والصين و إيران ، في إطار استعداداتها لاحتمال وقوع هجوم أميركي ضدها، وبحسب التقرير يشمل الطلب الفنزويلي صواريخ متطورة، ورادارات، وطائرات مسيّرة، إضافة إلى أنظمة دفاعية تهدف إلى تعزيز القدرات العسكرية للجيش الفنزويلي. ونقلت الصحيفة عن مصادر استخباراتية أن كاراكاس تسعى لتقوية تحالفاتها مع القوى المناهضة لواشنطن تحسبًا لأي تصعيد محتمل، خصوصًا في ظل التوتر السياسي المتزايد بين فنزويلا والولايات المتحدة، ولم تصدر الحكومات الثلاث — موسكو وبكين وطهران — أي تعليق رسمي حتى الآن حول التقرير، فيما اكتفت فنزويلا بالتأكيد على أن تعاونها العسكري مع هذه الدول “يهدف إلى الدفاع عن السيادة الوطنية.
أمريكا قد تغرق في المستنقع الفنزويلي
كما يجب التذكير بمسألة هامة ، وهي أن الغزو الأمريكي لفنزويلا لن يكون نزهة لا سيما وأن فنزويلا تمتلك منظومة أسلحة متطورة من ضمنها ( 5000) صاروخ أرض جو روسي الصنع من طراز إيغلا-إس لمواجهة القوا ت العسكرية الأمريكية المتمركزة في منطقة البحر الكاريبي ولمواجهة طائرات 35F التي قد تنطلق من بورتوريكو بعد أن أعادت القوات الأمريكية تأهيل المطار العسكري فيها .
يضاف إلى ذلك أن فنزويلا لديها جيش عقائدي مشبع بالعقيدة البوليفارية مكون من 200 ألف جندي و عشرة آلاف جندي احتياط موزعين على أسلحة البر والبحر والجو ، وبات هذا الرقم مرشح للازدياد في ضوء التهديدات الأمريكية ،حيث انضم مؤخراً للجيش 5600 جندي جديد، ناهيك عن وجود أعداد كبيرة من الميليشيات البوليفارية ومن الحرس الوطني الفنزويلي . ويرى العديد من المراقبين أن الولايات المتحدة قد تغرق في مستنقع فنزويلا إذا تمت عملية الغزو من خلال حرب العصابات التي قد يمارسها الجيش والحرس الوطني ، في ضوء توفر بيئة جبلية وتضاريس صعبة ملائمة لحرب العصابات.
صحيح أن نقطة ضعف فنزويلا تكمن في وجود معارضة عميلة لواشنطن ، لكن النظام البوليفاري اكتسب خبرة كبيرة في التصدي للمعارضة العميلة منذ العام 2015 وحتى اللحظة الراهنة.
كما
حقائق على هامش التهديد بغزو فنزويلا
في ضوء ما تقدم يمكن التأكيد على الحقائق التالية :
1. أن العدوان على فنزويلا إذا ما تم تنفيذه يشكل محطة أولية للعدوان على كافة دول أمريكيا اللاتينية ، التي نحت منحى ثورياً تقدميا ، مثل كولومبيا وكوبا ونيكاراغوا والبرازيل وغيرها.
2. أن هذا العدوان ، يعيد الاعتبار لمبدأ مونرو 1923 ، حين أعلنت الولايات المتحدة أحاديًا سيادتها على أميركا اللاتينية كمجال نفوذ حصري لها ، وإحياء هذا المبدأ اليوم بات واضحاً لا لبس فيه وخطير تمامًا . وبهذا الصدد نذكر بتصريح وزير الحرب الأمريكي “بيت هيغسيث” الذي بات يردد لغة سياسية عنجهية ، تعود لقرنين من الزمان: “نصف العالم الغربي هو جوار أميركا وسنحميه”. لكن ممن؟!
3. تصريحات سابقة للإدارة الأمريكية ، بأن واشنطن لن تسمح في هذه المرحلة من التاريخ بأي دور للصين وروسيا ،على الصعيد التجاري والاستثماري العادل في دول أمريكا الجنوبية.
4. كما أن العدوان الذي يجري التحضير له على فنزويلا ، وعلى بقية الدول التقدمية في أمريكا الجنوبية جزء لا يتجزأ من الاستراتيجية الأمريكية الجديدة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي مؤخرا.
إن استهداف فنزويلا في هذه المرحلة هو استهداف لكل الشعوب والدول في العالم الثالث التي تنشد الانعتاق من الهيمنة الأمريكية والغربية الاستعمارية ، واستهداف للأيديولوجية البوليفارية الاشتراكية التي قطعت شوطاً لا بأس به في القارة اللاتينية في وضع حدا للنهب الأمريكي.
كما أن استهداف فنزويلا الثورة هو استهداف لمواقفها الأممية في نصرة القضايا العادلة في العالم وفي المقدمة منها القضية الفلسطينية، لا سيما وأن فنزويلا اتخذت مواقف جريئة لصالح الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة في مواجهة العدوان المتكرر على الضفة الغربية وقطاع غزة وقامت مبكراً في عهد الرئيس الراحل “هوجو تشافيز” بطرد السفير ” الإسرائيلي” من فنزويلا ولم تتوانى عن تقديم مختلف أشكال الدعم المادي والسياسي للشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الصهيوني المستمر .












