إنجاز – حين تعود خدمة العلم إلى الواجهة في الأردن، فإنها لا تعود كإجراء إداري أو قرار تنظيمي فحسب، بل كحالة وجدانية تحمل في طياتها معنى الانتماء والتجدد. هي ليست مجرد فترة زمنية يقضيها الشاب بين الثكنات أو في ساحات التدريب، بل هي مدرسة للوطنية وميدانٌ يختبر فيه الجيل الجديد معنى الالتزام والمسؤولية.
لقد ظلّ الأردن، رغم تحدياته الكثيرة، صامداً برعاية أبنائه الذين حفظوا العهد وحملوا الراية. واليوم، مع عودة خدمة العلم، يُستدعى الشباب مرة أخرى ليكونوا الحصن الحامي والذراع القوي لوطنهم. إنهم يتعلمون أن الدفاع عن الوطن لا يكون بالسلاح فقط، بل بالانضباط، وبالعمل الجماعي، وبالإيمان العميق بأن ما يجمعنا أكبر من كل ما يفرقنا.
خدمة العلم ليست عودة إلى الماضي، وإنما امتداد لروح متجددة يتطلبها الحاضر. ففي زمن تتسارع فيه المتغيرات وتتشابك فيه التحديات، يصبح من الضروري أن يتسلح الشباب بالقيم قبل أن يتسلحوا بالمعرفة. إن الانضباط، والالتزام بالوقت، والقدرة على العمل مع الآخر ، دروس لا تُلقَّن في الكتب، بل تُصاغ في الميدان، وتترسخ في التجربة.
وإذا كان الأردن يفتخر بشبابه باعتبارهم عماد المستقبل، فإن خدمة العلم تمنح هؤلاء الشباب فرصة لاكتشاف ذواتهم، وللتعرف على معنى أن يكونوا جزءاً من كل، لا أفراداً متباعدين. هي رحلة قصيرة في زمنها، لكنها طويلة الأثر في الوعي والوجدان.
إن العودة إلى خدمة العلم رسالة وطنية مفادها أن المواطنة ليست شعاراً، بل ممارسة يومية، تبدأ من احترام النظام والقانون، وتمتد إلى التضحية في سبيل الجماعة. وهي أيضاً جسر يربط بين الأجيال؛ بين ماضٍ صنع أمجاد الوطن وحاضر يتطلع إلى مستقبل أكثر ثباتاً وأمناً.
هكذا، تعود خدمة العلم في الأردن، لا كواجبٍ فقط، بل كفرصة لإعادة صياغة العلاقة بين الشاب ووطنه، ولتجديد العهد بأن الأردن سيبقى، ما دام أبناؤه على العهد، صفاً واحداً وسنداً لا يلين
بقلم الأستاذة سمر الجبرة