بقلم :الدكتور صالح العجلوني .
حوارة يا روضة الحرف ومهد القلم
“حوّارة ليست بلدةً تُذكر، بل أنشودة تُرتل في القلب، هي عبيرُ الذكرياتِ حين يهجم النسيان،وهي الغصنُ الأخضرُ الذي لا تذبل أوراقه مهما تعاقبت الفصول ،حوّارة يا كفّ الياسمين الذي يُلوّح للمحبين،ويا خدّ الوطن الذي تقبّله قطرات الندى فجرًا.
كيف ننسى ماؤك العلمي العذب الذي روى ظمأ الأردن حين جفّت ينابيع المعلمين؟
يوم كانت المدارس تنتظر معلمًا من بلاد عربية بعيدة،كانت ارضك يا حوارة تُنبت في صرحها العلمي النبْت الأول،وتُرسِل من صرحها العلمي رجالًا كأنهم غيثٌ يسير على الاقدام ،حملوا طباشيرهم كمن يحمل سلاح النور، وزرعوا العلم كما تُزرع السنابل،فأزهرت بهم القرى، وازدهرت بهم المدن والبوادي الاردنية.
هناك… على ثرى حوارة الطيب،
شُيّد صرحٌ يُشبه الجبل في ثباته،إنه معهد معلمي حوارة، الذي كان سراج في ليل الجهل، خرّج آلافًا من أصحاب الرسالة،
منهم من صعد سُلم المجد حتى بلغ المناصب العليا، ومنهم من ظل واقفًا في الساحة، كشجرة زيتون لا تميل مهما هبّت عليها رياح التحدي.ثم كانت كلية نسيبة المازنية، كأنها الابنة البارّة لذلك المعهد النبيل،ورثت العلم كما تُورّث الدُرر، وحملت راية التمريض ، والقبالة، والمهن الطبية المساندة، فصارت حوارة نبضٌ للعلم وضمادٌ للوجع.
يا أهلي في حوّارة…أنتم ظلّ الغيم حين تشتد الشمس،وأنتم ملحُ الأرض حين يبهت الطعم.عشتُ بينكم ثلاثةً وعشرين عامًا،كنتُ فيها واحدًا منكم،أتنفس نقاء قلوبكم،وأرتوي من دفء صدوركم.
لكم في القلب مكان لا تبلله الأيام،
وفي الذاكرة ركن مُعطّر بحبّ لا يشيخ.
حوّارة ، يا شمسًا لا تغيب،سلامًا عليكِ ما بقي الحنين،وما بقيت فينا جذور الوفاء.
فيا أهل حوّارة الأحبة…يا من كنتم للغريب وطناً، وللمحبين فسحة نور،أحنُّ إلى لقياكم كما يحنّ العطر لزهوره، والنسيم لرباه،
ولعلّ في قادم الأيام موعدًا يجمعنا،فنلتقي كما يلتقي القلب بنبضه،على أرضكم التي ما غابت عن الوجدان،وتحت ظلال محبتكم التي ما ذبلت يوما رغم البعد.
إليكم دعائي أن يديم الله عليكم الخير، وأن تبقى حوّارة عامرةً بأهلها،صامدةً بعلمها، مشرقةً بقيمها.
دمتم كما عهدتكم… جذرًا في الأرض، وفرعًا في السماء.
وهذا ما جادت به ذاكرتي على قلمي انا الدكتور صالح ابراهيم العجلوني لاعبر. لكم عن محبتي يا أهل حوارة الطيبين
الدكتور صالح العجلوني عميد كلية نسيبة المازنية سابقا