هيام الكركي
في كلمة مؤثرة القتها جلالة الملكة رانيا العبدالله امام الاجتماع رفيع المستوى في الامم المتحدة بنيويورك، بمناسبة الذكرى الثلاثين لاعلان منصة عمل بكين 1995، شددت جلالتها على ان حماية النساء والفتيات في مناطق النزاع ليست ترفا اخلاقيا، بل التزام عالمي وضرورة انسانية عاجلة.
خطاب الملكة رانيا لم يكن بروتوكوليا تقليديا، بل خارطة طريق انسانية تدعو المجتمع الدولي الى التحرك الفوري والعادل، ومحاسبة المنتهكين، والتوقف عن النظر الى حقوق المرأة من خلال عدسة المصالح السياسية، بل من منطلق العدالة الانسانية والقانون الدولي. فقد وجهت جلالتها نداء صريحا للعالم بان الصمت ازاء الانتهاكات يرسل رسالة خطيرة مفادها ان بعض النساء يستحقن الدفاع عنهن، واخريات لا يستحققن حتى عناء المحاولة، وهو ما اعتبرته اخطر اشكال الرسائل السلبية.
واشارت جلالتها الى امثلة ماساوية من واقع النساء في غزة، حيث تخضع الامهات لعمليات قيصرية دون تخدير وتحت ضوء المصابيح اليدوية، ويحرمن من الغذاء والحليب لاطفالهن، مؤكدة ان الحرب الاسرائيلية على غزة قلصت من متوسط عمر النساء هناك بما يقارب ثلاثين عاما. وتساءلت: ماذا حققت الوعود الدولية بعد ثلاثة عقود على اعلان بكين، اذا كانت النساء ما زلن يدفعن الثمن الاكبر في الحروب والنزاعات؟
الملكة رانيا اكدت ان الانتقال من الاقوال الى الافعال هو ما تحتاجه المرحلة، وان حماية النساء والفتيات لا بد ان تكون في صميم الاجندة العالمية، بعيدا عن المواقف الرمادية التي تمنح المنتهكين فرصة الافلات من العقاب. وشددت على ان العدالة للمرأة هي جزء لا يتجزأ من العدالة الانسانية، وان تجاهل هذه الحقيقة يعيق اي امل في مستقبل اكثر انصافا.
ورغم قتامة المشهد العالمي، حمل خطاب الملكة جانبا مضيئا حين اعربت عن فخرها بالنساء الاردنيات اللواتي يعشن حياة هادفة ويتمسكن بطموحاتهن، مؤكدة ان الاردن يقدم نموذجا واقعيا على ان التغيير ممكن حين تتوفر الارادة السياسية والالتزام المجتمعي.
لقد كان خطاب جلالتها اكثر من كلمة رسمية، بل صرخة انسانية الى ضمير العالم، ورسالة واضحة بان حماية النساء والفتيات في النزاعات ليست قضية ثانوية، بل جوهر العدالة والمساواة وكرامة الانسان. واذا ما استجاب المجتمع الدولي لهذا النداء، فانه سيخطو خطوة حقيقية نحو عالم اكثر شمولا وانصافا، يفتح امام النساء والفتيات ابواب الامل في مستقبل افضل.