تربويون: ‘‘الورقة الملكية‘‘ خريطة طريق لتطوير التعليم
اعتبر تربويون الورقة النقاشية السابعة لجلالة الملك عبدالله الثاني “خريطة طريق للقائمين على قطاعات التعليم لوضع الخطط التنفيذية لترجمة الرؤية الاستشرافية ومواكبة احدث التغيرات لتطوير العملية التعليمية”.
وأجمع هؤلاء في احاديث لـ”الغد” أمس على أن الورقة “مؤشر للاستعجال، فالتغير الذي سنقوم به اليوم سنلمس اثره بعد 12 عاما”، مبينين أن الرؤية الملكية الاستشرافية تدعو القائمين على قطاعات التعليم “لوضع الخطط التنفيذية والبدء بإجراءات تنفيذية ملموسة، والعمل دون تردد أو تأخير، واستثمار كل الطاقات البشرية والموارد المتاحة وتوجيهها لتحقيق النهضة التعليمية التي يصبو اليها جلالة الملك عبدالله وجلالة الملكة رانيا”.
واشاروا إلى ان الورقة النقاشية أظهرت الرؤية الملكية للأردن في قطاع التعليم في أن يكون الأردن منارة للعلم والمعرفة.
وقال وزير التربية والتعليم الأسبق وليد المعاني إن الورقة النقاشية السابعة لجلالة الملك هي الاولى الخاصة بالتعليم، لكن جلالة الملك كان ومنذ توليه سلطاته الدستورية يشير إلى أهمية التركيز على التعليم سواء التعليم العام او العالي.
واضاف، “وبعد أن خرجت الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية ودار نقاش طويل حولها في الصحف والمحطات التلفزيونية كان واضحا انه “جلالة الملك قرر ان يحسم الجدل بأنه لا يوجد نهضة بغير تعليم”، مبينا ان الورقة موجهة لطرفين هما “المسؤولون المتباطئون في انجاز مضامين الاستراتيجية، والثاني المجتمع الاردني بأسره وخصوصا الذين يرفضون عملية التطوير”.
واشار إلى ان جلالة الملك “حذر بشكل واضح وصريح من خطورة الزج بالمناكفات السياسية والمصالح الضيقة في التعليم، كون التعليم فوق ذلك”، مشيرا إلى ان هناك كثيرين يعتقدون ان الوضع الحالي في التعليم هو الانسب “لأنهم متعودون عليه ومطمئنون اليه ولذلك لا يفكرون بالمستقبل كونهم متخوفين من ان لا يكون لهم دور فيه، وهم لذلك يحاربون اية افكار تتعلق بتطوير وإصلاح التعليم، وهو ما يقف في طريق الأردن ليكون قائد مسيرة تحديث مسيرة التعليم في العالم العربي”.
وأشار المعاني إلى أن الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية التي تم الاتفاق والتوافق عليها من قبل جميع الاطراف وضعت خريطة طريق ورسمت مسارا للتنفيذ، مشيرا إلى أن ما تم إنجازه بعد عام على هذه الاستراتيجية لم يتعد محور تدريب المعلمين حيث بدأت اكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين بتدريب 180 معلما العام الماضي و500 معلم ومعلمة العام الحالي، لكن ذلك هو خطوة واحدة على الطريق”.
وقال إن جلالة الملك في ورقته “وضع النقاط على الحروف وأنه من غير المقبول أن نبقى صامتين وعملية التعليم في حالة تدهور”، لافتا إلى أن “الملك أوضح في ورقته النقاشية نوعية الطلبة التي نريد وهي طلبة اردنيون قادرون على المنافسة، وهذا الامر لا يتم بغير تعليم، ولا يمكن مواكبة تحديات هذا العصر بغير أدواته المعرفية الجديدة المتمثلة بوجود مناهج تواكب العصر”.
وقال، ان جلالة الملك مستبشر بنقاش ملف التعليم الذي لم يقتصر على امة دون امة وبالتالي فإن ورقة جلالته تعتبر “محفزا ودافعا قويا لإصلاح التعليم كونها تدعو إلى الابتعاد عن المماطلة لاسيما أن الأمور جميعها مشخصة واضحة وبقي علينا التنفيذ”.
واكد المعاني “الحاجة إلى مناهج تفتح ابواب التفكير العميق والناقد وآن لنا أن نترك أسلوب التلقين، وهو ما يتطلب مواد تتعلق بالفلسفة والمنطق والجمال، كما أن الاستراتيجية اهتمت بمرحلة التعليم المبكر ما قبل المدرسة لما لها من اهمية كبيرة في تكوين عقل الانسان”.
واوضح ان ورقة جلالة الملك كانت رسالة واضحة للمضي قدما بعملية التطوير ومواكبة التغيرات وعدم الخوف، وأن نستثمر بالثروة البشرية، مشددا على أن هذه الورقة يجب ان تعتبر مؤشرا للاستعجال، فالتغير الذي سنقوم به اليوم سنلمس اثره بعد 12 عاما.
من ناحيته، اعتبر مدير ادارة التخطيط التربوي في وزارة التربية والتعليم السابق محمد أبو غزلة أن الورقة النقاشية “تعد خريطة طريق للقائمين على قطاعات التعليم العام والتعليم العالي والتدريب المهني والتقني لوضع الخطط التنفيذية لترجمة الرؤية الاستشرافية”، مبينا ان جلالة الملك كعادته سباق في طرح الرؤى الاستشرافية، وينير الطريق لتطوير قطاعي التعليم العام والتعليم العالي.
وأوضح ان جلالة الملك في ورقته حدد “رؤية ورسالة” لقطاع التعليم في الأردن؛ للوصول إلى الريادة والقيادة، وليغدو هذا القطاع أنموذجًا عربيًّا ودوليًّا وبيت خبرة لكل الدول المحيطة والصديقة.
وقال ابو غزلة، ان الورقة النقاشية أظهرت الرؤية الملكية للأردن في قطاع التعليم في أن يكون الأردن منارة للعلم والمعرفة، لافتا إلى ان الورقة حملت رسالة صريحة متعلقة بتأهيل المتعلمين لأن يواجهوا تحديات الحياة، وأن يقيموا أعمالا ناجحة، وأن يمارسوا حرفا قيمة، وأن ينشئوا أسرا متآلفة، ويبنوا مجتمعا متماسكا.
واعتبر ان الإجراءات التنفيذية لتحقيق الرؤية والرسالة الملكية تتمثل في توجيه المدارس والمعاهد والجامعات لتكون مصانع للعقول المفكرة، والأيدي العاملة الماهرة، والطاقات المنتجة، وأن تكون مختبرات تُكتشف فيها ميول الطلبة، وتُصقل فيها مواهبهم، وتنمي قدراتهم، بحيث تزودهم بكل ما يعينهم على استقبال الحياة، ومواجهة ما فيها من تحديات، والمشاركة في رسم الوجه المشرق لأردن الغد.
وهنا، بحسب أبو غزلة، تبرز أهمية الدعوة إلى إعادة النظر بالتخصصات الأكاديمية في الجامعات والتوسع في التخصصات المهنية التطبيقية والتقنية، وإعادة النظر بأسس القبول تراعي القدرات والميول والاستعدادات لدى المتعلمين والتركيز على التعلم ذي المعنى المرتبط باحتياجات المجتمع المحلي والعالمي ليتم ربط تعلمهم بالحياة، وتوفير البيئة المحفزة والمعززة للتعلم وفق الحاجات.
وبالاضافة إلى ذلك، دعا إلى “وضع خطط لتنمية المعلمين وتدريبهم وتمكينهم من انتاج طلبة يعرفون كيف يتعلمون، وكيف يفكرون، وكيف يغتنمون الفرص ويبتكرون الحلول المبدعة لما يستجد من مشاكل ويعرض من عقبات، وتمكينهم أيضا من مهارات التفكير بمختلف مستوياته ومنها التفكير النقدي والتحليلي والابداعي.
ورأى أن ذلك يحتاج إلى وضع خطة شمولية لتطوير عناصر المنظومة التعليمية كافة لضمان قدرتها على توسيع مدارك الطلبة، وتعميق فكرهم، وإثارة فضولهم، وتقوية ثقتهم بأنفسهم، مشيرا إلى أنه يُفهم من التوجيه الملكي أن “تكون عملية التطوير شمولية وتشمل كافة المراحل التعليمية ومساراتها الأكاديمية والمهنية، بما فيها عناصر المنظومة التعليمية من مناهج وكتب، وبيئة تعلم ومدرسين وطلبة وفنيين، وحوكمة.
وأشار إلى ان الرسالة اكدت ضرورة أن لا يتعارض كل ذلك مع ترسيخ الاعتزاز بالهوية الإسلامية والعربية وتراث الآباء والأجداد، ومن هذا التوجيه يفهم ايضا أن “الماضي العريق وما تركه الآباء والاجداد ودور الحضارة والهوية الاسلامية التي استطاعت أن تؤثر في العالم من خلال قيمها الاسلامية السمحة وتواصلها وتفاعلها الإنساني مع الآخرين يجب أن تكون مصدرا ملهما لنا في التعامل والتعايش، والافتخار به”.
ودعا ابو غزلة إلى بناء شراكات وطنية داخلية وخارجية لدعم تطوير التعليم ماديا وفنيا، والبحث عن مصادر بديلة لضمان توفير تعلم نوعي، وبيئة مناسبة ومحفزة على التعلم، وملبية للحاجات، ومتوائمة مع متطلبات التنافسية المحلية والعربية والدولية، ودراسة الأنظمة في الدول المتقدمة، والاستفادة من تجاربها التي أدت إلى تقدم التعليم فيها، وتكييفها خاصة في مجال العلوم والرياضيات وغيرها.
