الإعلامي: سلمان الحنيفات يكتب
المؤسسة التعاونية الاردنية. في ظل التحديات البيئية والمائية المتزايدة التي تواجه العالم، تبرز قضية إدارة الموارد المائية كأولوية قصوى في السياسات التنموية، لا سيما في الدول التي تعاني من شح المياه مثل الأردن، ومع تزايد الطلب على المياه في القطاعات الزراعية والصناعية والسكانية، بات من الضروري البحث عن حلولٍ مبتكرةٍ ومستدامةٍ تضمن الاستخدام الأمثل لهذا المورد الحيوي.
في الأردن، بدأت بعض التعاونيات الزراعية وعددها (18) تعاونية في البحث عن حلولٍ مبتكرةٍ للتكيف مع شح المياه عبر تنفيذ مشاريع ري تعتمد على المياه المستصلحة (المعالجة) في مجال الزراعات العلفية، وذلك بالتنسيق مع الجهات الحكومية، والمنظمات الدولية الداعمة للقطاع الزراعي.
رئيس تعاونية بيت الخير الزراعية جمال الفايز، وهو مؤسس مبادرة مواجهة التحدي البيئي وتحويله إلى فرصة تنموية يقول، إن الأردن يعتبر من أفقر الدول في مصادر المياه، ولكن بوعي من التعاونيات والمجتمعات المحلية عمل على استغلال كافة الموارد المائية بشكلٍ أمثلٍ، فيما كان التحدي الأبرز في كيفية استخدام المياه المستصلحة ضمن الزراعات المقيدة.
تُعرف المياه المستصلحة بأنها المياه الناتجة عن معالجة المياه العادمة (سواء المنزلية أو الصناعية أو الزراعية)، بهدف إعادة استخدامها في أغراض غير شرب الإنسان، مثل الري، التنظيف، أو التبريد الصناعي، فيما تخضع هذه المياه لعمليات معالجة متعددة تشمل الترشيح، التهوية، والمعالجة البيولوجية والكيميائية، وذلك لضمان مطابقتها للمواصفات البيئية والصحية. تعاونية بيت الخير قادت التجربة الأولى في منطقة البادية الوسطى/ لواء الجيزة باستخدام المياه المستصلحة الصادرة عن محطة تنقية جنوب عمان في الزراعات العلفية، لتكون بذلك أول من واجه التحدي البيئي الناجم عن شح مياه الأمطار.
وبيَّن الفايز أن الزراعات العلفية شملت البرسيم والذرة العلفية، والمحاصيل الحقلية كالشعير، مما كان لها الدور الأكبر في الحدَّ من التلوث البيئي في المنطقة، والحد من التصحر، وزيادة الرقعة الخضراء، ودعم مربي الثروة الحيوانية بمادة الأعلاف.
وتتولى المؤسسة التعاونية الأردنية الإشراف على القطاع التعاوني بما في ذلك التعاونيات الزراعية التي يبلغ عددها (350) تعاونية، بالإضافة إلى العمل على تيسير سُبل تواصلها مع مختلف الجهات الرسمية وغير الرسمية بالشكل الذي يُمكنُها من إقامة مشاريع تتواءم مع الظروف والتغيرات المناخية التي ألقت بظلالها على موسم الهطول المطري.
مديرة مديرية المياه في المركز الوطني للبحوث الزراعية الدكتورة لونا الحديدي أكدت أن المركز بدأ باستخدام المياه المعالجة في الزراعات المقيدة في العام 1998، والتي بدورها تشمل زراعة (الأعلاف، الشعير والبرسيم والذرة العلفية والدخان، وأزهار القطف والنباتات الطبية والعطرية والمحاصيل المنتجة للطاقة)، إضافة إلى أنواعٍ أخرى مثل الأشجار التي تستخدم في إنتاج الخشب.
وتوضح أن المياه المعالجة غنية بالعناصر الغذائية التي تساعد على نمو المحاصيل، وبالتالي تعمل على تخفيض كلفة الأسمدة والمياه الصالحة للشرب على المزارعين، مشددةً على ضرورة أخذ الاحتياطات اللازمة لاستخدام المياه المعالجة.
حسب الحديدي، فإن المركز الوطني للبحوث الزراعية عمل على تنظيم دورات توعويه وتدريبية للمرشدين، والمزارعين وعائلاتهم، والعاملين في القطاع الزراعي حول كيفية استخدام المياه المعالجة في الزراعات المقيدة، وطرق إدارتها. وفقاً للناطق الإعلامي لوزارة المياه عمر سلامه، فإن كمية المياه المستصلحة الخارجة من محطات تنقية الصرف الصحي بلغت (214،453) مليون متر مكعب خلال العام 2024، بينما بلغت الكمية المستخدمة من قبل المزارعين للزراعات المقيدة نحو (197.504) مليون متر مكعب خلال الفترة ذاتها. وقال إن عدد الاتفاقيات التي أبرمتها وزارة المياه مع المزارعين لإعادة استخدام المياه المعالجة (367) اتفاقية، منها (18) مع تعاونيات زراعية من مختلف مناطق المملكة، والتي بدورها وفرت عبر مشاريعها قرابة (2000) فرصة عمل. يعتقد الفايز أن تجربة استخدام المياه المستصلحة في الزراعات المقيدة في مناطق البادية الأردنية التي تعتبر شبه جافة، حققت نجاحاً لافتاً في ظل مساهمتها بالتقليل من الفاتورة العلفية لمربي الثروة الحيوانية، وخفض كلف الإنتاج، وضمان استدامة المشاريع الزراعية.












