الأردن بين حكمة الملك وشعبويات البرلمان
بقلم: محمود توفيق فريحات
في الوقت الذي كانت فيه الأجهزة الأمنية الأردنية تؤكد كفاءتها ويقظتها بإحباط ما صرّحت بأنه “مخطط إرهابي” كان من شأنه زعزعة أمن البلاد واستقرارها، شهد الأردنيون، في المقابل، مشهدًا نيابيًا مرتبكًا يعكس حالة من الفوضى السياسية ويعبّر عن أزمة حقيقية في الأداء البرلماني والوعي الوطني.
بدلًا من أن يكون البرلمان صوت العقل والحكمة، تحوّل إلى ساحة صخب ومزايدات، يُزج فيها باسم جلالة الملك في كل مناسبة، وكأن بعض النواب يعتقدون أن تكرار اسم الملك هو بوابة للولاء أو وسيلة لتسجيل النقاط السياسية. لكن الحقيقة الراسخة التي يعرفها كل أردني، أن جلالة الملك لا يحتاج لمن يتحدث باسمه أو يُزايد بولائه؛ فهو الأكثر التصاقًا بالناس، والأعمق فهمًا لمصالحهم، وهو من ظلّ على الدوام صمّام الأمان للدولة ومؤسساتها.
المقلق اليوم أن بعض الفاعلين السياسيين باتوا يتعاملون مع الأزمات الوطنية كفرص لتصفية الحسابات الداخلية، متناسين أن ما يُمارَس في العلن لا يليق بدولة بتاريخ الأردن، ولا بحكمة قيادته، ولا بثقة شعبه.
الأردن لا يحتاج إلى مزيد من الارتجال وردود الفعل، بل إلى لحظة صادقة من التأمل والمراجعة، تُعيد تعريف العلاقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وتُعيد البرلمان إلى دوره الحقيقي كسلطة رقابية وتشريعية، لا كمنبر للشعارات.
نعم، آن الأوان للخروج من منطق المناكفات السياسية؛ فالدولة بحاجة إلى رجال دولة، لا إلى هواة منابر. بحاجة إلى أصوات تعكس وعي الشارع لا ضجيجه، وتستحضر الحكمة لا الانفعال.
جلالة الملك وحده يُجسّد الثبات في المشهد، أما الآخرون – ولا أُعمم – فقد بات واضحًا أنهم في أمسّ الحاجة إلى مراجعة شاملة، تُعيد ترتيب الأولويات، وتُعيد الثقة في مؤسسات فقدت الكثير من بريقها في أعين الناس.
الأردن يستحق أكثر من ذلك.