الدكتور محمد نايف زريقات
( المحافظة على ثقافة المجتمع والقيم الدينية والاخلاقية والأعراف سد منيع ضد الطامعين الأعداء )
إن المحافظة على ثقافة أية أمة او مجتمع والمحافظة على قيمه الدينية والاخلاقية واعرافه من عوامل قوة الأمم والمجتمعات والدول، ويزيدها تماسكا وتعاضدا وتكاتفا خاصة دول العالم الثالث المستهدفة من بعض القوى الطامعة الاستعمارية، التي تحاول بشتى الأساليب احتلال هذه الدول الضعيفة عسكريا كأسلوب قديم دموي لاقى ويلاقي مقاومة من الشعوب المحتلة ويدفع المحتل أثمانا باهضة من قتلى وجرحى وتدمير للمعدات والدبابات والآليات، وبصمود المقاوم عن ارضه ووطنه وإرادته القوية وطول نفسه وصبره ينكسر الاعداء وينهزمون والتاريخ شاهد على ذلك وهو أسلوب عقيم لن يستمر طويلا ويكلف خسائر بشرية ومادية كبيرة للمعتدي المحتل .
ومن الأساليب الحديثة التي أصبح الأعداء المستعمرون يستخدمونها في السيطرة على بعض دول العالم الثالث هي الهيمنة والسيطرة على هذه الدول واختراقها والسيطرة عليها بالدبلوماسية والعصا والجزرة لكي تسير في فلكها، وتبتزها وتنهب ثرواتها، وتسيطر على قراراتها، وتتعدى إلى أبعد من ذلك لإفقارها وجعلها خاضعة لها، وهذا الاسلوب يكون ليس ظاهرا لعامة الناس، لان المستقوي الطامع المحتل يدخل تحت شعارات التعاون والشراكات والمنح والقروض والمساعدات والصداقة أو التحالف يخفى على غالبية الشعوب هذا الاسلوب .
ويمكن للمتمعن والمتأمل بالمشهد أن يرى أن دول غنية في الثروات في دول العالم الثالث ولها علاقة مع قوى ودول من امتدادات الاستعمار في القرن العشرين، خرج المستعمر بقواته العسكرية وابقى علاقة وشراكة مع هذه الشعوب والدول ينهب ثرواتها ولا يعطيها إلا الفتات لهذه الدول والشعوب، والدليل على ذلك أن هذه الدول بالرغم أنها غنية بالثروات لكنها فقيرة ومفقرة، ويعيش غالبية مواطنيها في فقر ومجاعة وبطالة ممزوجة بالجهل والبؤس .
ولينظر ويتأمل الانسان الواعي للدول والأمم كاليابان والصين والهند بريطانيا وغيرها…، بالرغم انها دول ذات فلسفات وايدولوجيات مختلفة لكن تمسكها بثقافتها وقيمها واعرافها أو دينها كانت ومازالت عوامل قوة وتماسك وتوحد للمجتمع .
وإن من عناصر الثقافة الرئيسة التي يشترك فيها جميع أو غالبية أي أمة أو مجتمع هي العموميات وهي اللغة والدين والتاريخ المشترك والأعراف التي توحد المجتمع وعوامل مشتركة تجعل المجتمع كالجسد الواحد المتلاحم المتحد المتماسك خاصة عندما تتعرض أمة أو شعب أو دولة لأخطار تهدد أمنها وسيادتها ووجودها، يهب الجميع جنود اوفياء منتمون لأوطانهم بإرادة وقناعة ورضا يقفون بقوة وبإرادة رغم قلة المكانيات يتحدون اعتى قوة معتدية مهما ملكت من قوة وسلاح متقدم وبتماسك المجتمع وتوحده وإرادتها استطاعت أمم أو شعوب ضعيفة قهر ودحر وهزيمة أقوى القوى في العالم لمحتل متغطرس، والتاريخ شاهد على ذلك .
وإن استهداف ثقافة واعراف وقيم أي مجتمع، يجعل الانتماء للوطن ضعيف، ويقلل من توحد المجتمع وقلة تماسكه، ويؤدي إلى التفرقة والتشرذم، وتفككه، وقلة الولاء، ويؤدي إلى الترهل وانخفاض العطاء، وتنخفض الإرادة والعزيمة للأفراد، ويصبح الوطن لقمة سائغة للأعداء الطامعين .
وإن في العصر الحديث نهضت وتقدمت قوى عالمية واصبحت قوى كبرى في الإقتصاد والقوة العسكرية وأصبحت تتنافس مع قوى عالمية أخرى وعرفت الأخطاء التي ارتكبتها القوى العالمية القديمة، والتي جعلت الشعوب تنفر منها وتعتبرها دول مبتزة واستعمارية تنهب ثرواتها، وبدأت في التعاقد مع دول لفتح مشاريع استثمارية وانتاجية متعددة وكبيرة في بعض دول العالم الثالث، يتقاسمون الارباح لا تفنى الغنم ولا يموت الذئب، ويرافق هذه الاستثمارات تقديم منح مجانية كتعبيد الطرق، وبناء المدارس،وتشييد اسكانات حول وبالقرب من المشاريع الاستثمارية والانتاحية للعمال والفنيين والخبراء واهل المنطقة، مما جعل شعوبا أخرى رحبت بهذه القوى العالمية الجديدة، وتخلت عن وتخلصت من المستثمرين القدامى الذين اعتبروهم امتدادا لحقبة الاستعمار القديم الجشع الذي لا يبقي ولا يذر .
وإن العالم اليوم بحاجة لقيادات فذة لدول كبرى تقود العالم إلى النهوض والتقدم، وتمد يد العون والمساعدة لدول العالم الثالث في شراكات استثمارية وانتاجية دون جشع وطمع وابتزاز أو نهب لثروات وموارد دول العالم الثالث، لكي يضمحل الفقر والجوع والبطالة والجهل في العالم وفي دول العالم الثالث بالاخص .
كنا إن العالم اليوم بأمس الحاجة لقيادات فذة تقود العالم للسلام والمحبة وانهاء بؤر التوتر والحروب لا لاشعالها وصب الزيت على النار، واشعال حروب أو دعمها تحرق الإخضر واليابس، وتدمر الإنسان والحضارة،ويرتكب فيها جرائم حرب وإبادة جماعية، وسيخلد التاريخ قادة عظماء في العالم يقومون في بناء الحضارة الإنسانية، وتحقيق السلام والأمن والإستقرار في العالم، لكي لا ينزلق العالم لحرب ممتدة عالمية أو نصف عالمية مدمرة .